باكورة ما قلت من الشعر :
كنت في عام سبعة وستين وتسع مئة وألف للميلاد في االسنة الأولى من دراستي للغة العربية في كلية اللغات في جامعة حلب السورية حين بدأ العدوان الإسرائيلي بمواطأة خيانية من وزير الدفاع السوري –إذ ذاك – حافظ الاسد الذي نال ثمن بيع الجلان رخيصاً للعدو الإسرائيلي ، فسلم الجولان لليهود دون قتال ، وأمر الجيش بالانسحاب العشوائي من الهضبة والقنيطرة قبل دخول اليهود إليها بثمان وأربعين ساعة، فكان الثمن أنْ صار رئيساً لسورية مدى الحياة . وتغافل الغرب وأمريكا عن جرائمه حين قتل في حلب واللاذقية وحماة وتدمر وسائر المدن والقرى عشرات الآلاف من شباب الأمة ومثقفيها وأحرارها .
وأخذت إسرائيل كذلك الضفة الشرقية للأردن وسيناء المصرية . وبعد سنة أحرقت قطعان اليهود المجرمة المسجد الأقصى فأحرقت معه ملايين القلوب المسلمة .
في ليلة إحراق المسجد الأقصى الأسير ولدت موهبة الشعر في عقلي وقلبي وكياني أو قل : شعرت بها تظهر على لسني ، ويبدو أنها كانت كامنة في الأعماق ، موروثة عن والدتي رحمها الله ، فقد كانت ذات موهبة شعرية فطرية ، تقول الشعر متى شاءت ، ولو أرادت أن يكون حديثها شعراً فقط لفعلت .
لم أنم تلك الليلة إلا بعد ولادة هذه القصيدة ، فكانت فاتحة للقصائد التي كتبتها وما أزال ......
عجباً لكم يا عُرْب إني لا أرى *** إلا التهاون ، والعدوّ يزمجرُ
إلا التنافس والتباغض بينكم *** والحقدَ يسري فاتكاً لا يفترُ
حتى المروءات التي كانت لكم *** زالت ، وساد عليكم المتعهّرُ
نمتم عن الوطن السليب وحقّكم *** وعدوُّكم يبني الحصون ويسهرُ
ويذيق إخوتكم بأرض الأنبيا *** ذلاّ وخسفاً ، بالمكارم يسخرُ
عاث الفساد ، وما بكم ردٌّ سوى *** صوتٍ يجعجع في الفضاء يثرثر
فإلام ترضَوْن الهوانَ ،كأنّكم *** غنمُ ، وغيرُكم العظيم الآمرُ
أفلستمُ أحفاد شعب خالد *** ملكوا القياد وفي الهداية أبحروا
ولعزهم خضعت أقاصي الأرض مِن *** شرق لغرب ، والأنامُ استبشروا
فتحوا الممالك ، حرّروا سكانَها *** بطشوا بكل مُغَطرِس يتجبّرُ
جابوا البلاد بهمة وبعزّة *** باتت لها شُمّ الجبال تقهقَرُ
وتمسّكوا بالعروة الوثقى التي *** جمعت شتاتَ أمورهم فتصدّروا
عرشَ السيادة والرضا من ربهم *** طوبى لِمَنْ نصر المليكُ الأكبرُ
***
والآن ؛ وا أسفا ، كأني لا أرى غير الصبايا ، والرجالُ تبخّروا
أوْ لستُ أدري ربّما انقلبوا نِسا *** فسَطا علينا الغادر المستعمرُ
***
يا إخوتي هُبّوا لطردِهِمُ ، ولا *** تدَعوا البُغاثَ بأرضنا يستنسرُ
وتأهّبوا لنطهّر الأرض التي ** بات الشقيّ بأهلها يتأمّرُ
ولترتفعْ دعَواتنا نحو السما *** ولنتجهْ نحو العدوّ ندمرُ
ولنعصفنّ بكل أعداء الحيا *** ة لأننا قومٌ كرامٌ ، نثأر
ولأننا مستمسكون بقولنا *** الله أكبرُ، والإله سينصُرُ