ما دامَ يكتبُ صبحُهم ما شاؤوا
فلأيِّ شيءٍ يولدُ الشّعراءُ ؟
و لأيِّ شيءٍ نستمرُّ و عمرُنا
لا شيءَ فيهِ و عندهم أشياءُ ؟
و لكلِّ شيءٍ قد أتيتُ مسلّماً
عمتمْ جلالاً أيها الشهداءُ
مهما نظمتُ من البيانِ روائعاً
فأجلُّ وصفٍ أنّكم أحياءُ
و يجلُّ منكم أنّكم لا أنّنا
تعطون ما شئتم لمن قد شاؤوا
و النّورُ يركضُ في مجالِ عروقكم
فيُرى دماً لكنّهُ أضواءُ
فإذا استبدّ اللّيلُ يولدُ جرحكمْ
شرقاً فيحزنُ غربُهم و يُساءُ
****
مُرّوا على الكلماتِ يا مطراً فما
في بئرِ أمّتنا القتيلةِ ماءُ
مُرّوا بنا ثمّ اقتلونا مرّةً
أُخرى لئلا يكبرَ الجبناءُ
و استعمرونا كي نعودَ جداولاً
إنْ نامَ بحرٌ و استبدَّ غُثاءُ
نحن الصّغارُ فعلّمونا بعضَ ما
في سرّكم يا أيّها الكبراءُ
فالوردُ إذْ يهتزُّ ينفضُّ النّدى
فجميعُ ما حولَ النّدى أنداءُ
و إذا تضرّجَ بالشّذا جرحٌ فمن
بوحِ الجراحِ لكلّنا عُرفاءُ
و لكلّنا من بعضكم ما بعضُهُ
كلٌّ و بعضُ البعضِ منهُ شفاءُ
حين الجراحُ تُبينُ عن مكنونها
تعنو الحروفُ و تصمتُ الأدباءُ
ما ضرَّ أجسامَ الكرامِ سلاسلٌ
إنْ صاحبتْها الأنفسُ الطّلقاءُ
مادام في الشّاهينِ همّةُ نفسِهِ
فمكانُهُ أنّى يكونُ سماءُ
و مكانُكم أنّى تكونوا فوق ما
يرتابُ غِرٌّ أو يرى الدّهماءُ
في لا مكانٍ حيثُ كلُّ محبّبٍ
بادٍ و كلُّ حقيقةٍ خضراءُ
*****
يا ذاهباً شطرَ العراقِ و عابراً
ماءَ الفراتِ و في الفؤادِ ولاءُ
سِرْ في ربوعِ الرّافدينِ مطأطئاً
فهناكَ حطّتْ رحلَها العلياءُ
و إذا رأيتَ هناكَ خِدراً شامخاً
و رمتْ عليكَ بطرفها حسناءُ
خضَبتْ مطارفَها بآياتِ الضُّحى
و لها دماءُ رجالها حنّاءُ
ما زلتُ أعتصرُ الغرام فينتشي
قلبي و تسخو بالجنى الصّهباءُ
و اخترتُ من كرمِ الشّموخِ قصيدةً
عنقودُها " الفلّوجةُ " الفيحاءُ
سمّيتُها البحرَ الخضمّ فكيف لا
تهفو إلى شطآنها الصّحراءُ ؟
سميتُها الجبلَ الأشمّ فكيف لا
تحتاجُ سفحَ حنانها الحصباءُ ؟
سميتُها الفجرَ الطّليقَ فكيف لا
تنسابُ شمسٌ أو يسيلُ ضياءُ ؟
أرنو إلى الفلّوجةِ الفيحاءِ في
أرضِ العراقِ فيهتفُ الإنشاءُ
و أرى حروفي صافناتٍ ترتقي
سبلَ الفخارِ فما لها إقصاءُ
أخفيتُ حبّي ما أبوحُ بسرّها
عذراً فقدْ يتعذّرُ الإخفاءُ
يا أرضَها و سماءها و هواءها
طابتْ بكِ الأسماءُ و الأشياءُ
تُتلى لكِ الآياتُ في أرواحنا
و لكِ الدّمُ الموهوبُ و الأعضاءُ
أنتِ الصّلاةُ على الجراحِ و إنّك الـ
معراجُ نحو الله و الإسراءُ
*****
يا أجملَ الأوطانِ عذراً إنّما
قادتْ زمامَ ركابنا اللّقطاءُ
"مدريدُ " تحكمنا بمؤتمراتها
و" الشّرمُ" يحمي شيخَهُ العملاءُ
و الأزهرُ المصريُّ يهتفُ لا و لا
للموتِ بئسَ الفقهُ و الفقهاءُ
و تذوبُ عيدانُ المنابر من أسىً
حين استعارتْ دينَها الخطباءُ
صارتْ صلاةُ الخوفِ فينا عادةً
ركعاتُها لم يحصِها إحصاءُ
قالوا جهادُ اليومِ فرضُ كفايةٍ
و من الكفايةِ يهربُ الزّعماءُ
"بوذا" حرامٌ أن يُهدّمَ إنّما
بغدادُ لا ... مأجورةٌ يا لاءُ
نعرى و نُرمى في العراءِ و نفطُنا
في كلّ عاصمةٍ له ميناءُ
و بنوكُ عالمنا تغصُّ بمالنا
و تجوعُ في أوطانها الشّرفاءُ
******
يا قابضينَ على الجِمارِ و وِردُهم
عند الصّباحِ و في المساءِ دماءُ
عطّرتُم الدّنيا برَوحِ دمائكم
و لكم تبوحُ بطيبها الأشلاءُ !!!
مليارُنا صفرٌ و واحدُكم على
أرضِ الرّباطِ كتيبةٌ و لواءُ
لا مال في يدكم و لا نفطٌ و لا
بشرى لكم يا أيّها الفقراءُ
جعتم و أتخمنا الهوانُ فجوعُكم
في الله عِزٌّ أيها الكرماءُ
نحن اشترينا بالرّكوعِ وقوفَنا
قد ضلَّ بيعٌ ثمّ ضلَّ شراءُ
و الدّرهمُ المسبوكُ صارَ " محمّداً "
فينا فصدّقَ بعثَه الأمراءُ
و النفطُ صار القبلةَ الأولى ..... لَهُ
صلّى الملوكُ و كبّرَ الرّؤساءُ
عقدوا النّكاحَ على القضيّةِ خِلسةً
و على العروسِ يساومُ الزّعماءُ
قُلْ للّذين عَيُوا بمهرِ عروسهم
الصّومُ عن شرمِ الشّيوخِ وِجاءُ
*****
يا ناسُ كيفَ النّفطُ يصبحُ أوّلاً
و على دمي يتآمرُ الدُّخلاءُ
و أقبّلُ الكفَّ التي تغتالُني
و أنا القتيلُ و كفُّهُ الحمراءُ
حمراءُ منّي من دمي منكمْ و من
دمكمْ و كلُّ وجوهنا سوداءُ
ما أرخصَ الدّنيا إذا سجدتْ على
نعلِ اللّئيمِ عِمامةٌ بيضاءُ
و اقرأْ على التّاريخِ إنْ كتبتْهُ ....
أولادُ الزّنى و الأوجُهُ الصّفراءُ
قممٌ على قممٍ تُباعُ و تُشترى
و البيتُ الاَبيضُ سوقُها السّوداءُ
ضاقتْ بنا ذرعاً جبالُ تهامةٍ
و تبرّاتْ من كفرِنا سيناءُ
و رَثَتْ بفاتحةِ الكتابِ دمشقُ ......
بغدادَ الرّشيدِ و أبّنَتْ صنعاءُ
و الله لو كنّا بدايةَ جملةٍ
في نحوِنا لتبرّاَ الفرّاءُ
أو كان صخرٌ في عِدادِ رجالنا
لبكتْ على دمعاتها الخنساءُ
****
أرضَ العراقِ خذي تمامَ قصيدتي
إنّا و ربِّ محمّدٍ أُجراءُ
منكِ الوقوفُ على العظامِ ترفّعاً
عنّا و منّا الرّايةُ البيضاءُ
أنتِ القصيدةُ حينَ بعضُ حروفها
عَبَقٌ و بعضُ حروفها شهداءُ