الشهيد البطل إياد صوالحة
نبذة عن الشهيد:
من مواليد بلدة كفر راعي ، شارك خلال مسيرته في العديد من الأعمال النضالية بدا عمله الجهادي مع مجموعة الفهد الأسود التابعة لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح إبان الانتفاضة الأولى قبل أن يتم غعتغاله من الصهاينة وبعد خروجه من المعتقل قام بالانضمام إلى سرايا القدي وكان مسؤولا عن كثير من عملياتها خلال هذه الانتفاضة قبل أن يستشهد في التاسع من شهر نوفمبر عام 2002
إياد صوالحة.. قرار القتال حتى الشهادة
لم يكن هناك أمام الشهيد إياد أحمد صوالحة (27 عاماً)، قائد "سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في منطقة الضفة الغربية، من بلدة كفر راعي في محافظة جنين، فجر أمس، سوى اتخاذ قرار وحيد لا رجعة عنه هو القتال حتى الشهادة، بعد أن تيقن أنه محاصر من كل الجهات بأعداد كبيرة من جنود الاحتلال الذين كانوا متأهبين لقتله.
القرار الأول الذي اتخذه الشهيد صوالحة إخراج زوجته اليوغوسلافية الجنسية من داخل المنزل الذي كان متحصناً بداخله، في البلدة القديمة بمدينة جنين، دون أن يأبه على الإطلاق لمطالبتها له بتسليم نفسه لقوات الاحتلال.
وسرعان ما وافقت تلك الفتاة العشرينية التي اقترن بها الشهيد صوالحة قبل نحو شهر، بعد أن أسلمت على يديه ونطقت بالشهادتين، على مغادرة المنزل وتسليم نفسها لجنود الاحتلال الذين كانوا يصوبون كل أسلحتهم نحو المنزل والفتاة حتى اعتقلوها.
واستخدم جنود الاحتلال تلك الفتاة التي ينحدر والدها من بلدة كفر راعي وعاد إلى مسقط رأسه، قبل عدة أشهر، ووالدتها يوغوسلافية، إلى جانب مواطن آخر قطن بالجوار، كدرع بشري خلال الاشتباك المسلح مع الشهيد.
وطبقاً لتأكيدات مواطنين من البلدة القديمة، فإن جنود الاحتلال أجبروا فتاة يعتقد أنها زوجة الشهيد صوالحة، على مناداته لمرات قليلة من أجل تسليم نفسه، إلا أن ذلك لم يجد نفعاً مع الشهيد الذي كان كما يبدو جهز نفسه لمثل تلك الليلة.
وقال أحد المواطنين واصفاً أجواء تلك الليلة الرهيبة، "لم يكن أي منا يجرؤ على أن يطل برأسه من نافذة منزله، من كثافة النيران التي كنا نسمعها، واعتقدنا من كثافتها أن جنود الاحتلال يرتكبون مجزرة، خصوصاً في ظل عدة إنفجارات توالت".
وأكد ذلك المواطن الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن جنود الاحتلال انتشروا بأعداد كبيرة تساندهم الآليات الثقيلة من دبابات ومدرعات عسكرية محمولة من نوع "جيب" داخل الأحياء وفي الشوارع، واحتلوا العديد من المنازل وأسطح البنايات، وذلك قبل بدء الاشتباكات المسلحة.
وسمع الأهالي ممن يقطنون بجوار المنزل الذي هاجمته قوات الاحتلال، إطلاقاً كثيفاً للرصاص وانفجارات شديدة مصدرها ذلك المنزل الذي كان الشهيد صوالحة استأجره، قبل أسابيع قليلة برفقة زوجته التي يجهل أهالي البلدة القديمة مصيرها بعد أن اعتقلها جنود الاحتلال، برفقة مواطن آخر أصيب بالرصاص، بعد أن جرى استخدامهما كدرع بشري.
ولم ينتظر الأهالي حتى تنسحب قوات الاحتلال من محيط المنزل الذي أقام فيه الشهيد صوالحة برفقة زوجته، حتى توجه العشرات منهم إليه، حيث وجدوا جثمان الشهيد ملقى على الأرض وقد لفظ أنفاسه الأخيرة، وأصيب في معظم أنحاء جسده، وتغيرت ملامح وجهه، وفقد كفه الأيمن.
ونقل جثمان الشهيد صوالحة إلى مستشفى الشهيد د. خليل سليمان الحكومي في مدينة جنين، حيث أعلن الأطباء نبأ استشهاده، ووضع الجثمان داخل ثلاجة المستشفى بانتظار تشييع جثمانه، في حال رفعت قوات الاحتلال حظر التجول عن المدينة والمخيم جزئياً.
وكان الشهيد صوالحة حكم عليه بالسجن المؤبد من قبل سلطات الاحتلال، بعد اعتقاله في العام 91، حيث اتهم آنذاك بالنشاط في مجموعات "الفهد الأسود" الجناح العسكري لحركة فتح خلال الانتفاضة المجيدة.
وأمضى في سجون الاحتلال فترة سبع سنوات حيث أطلقت سلطات الاحتلال سراحه، في العام 99، من سجن عسقلان الذي كان بمثابة المحطة الأخيرة لرحلة اعتقاله.
وأصبح صوالحة من أبرز المطلوبين لقوات الاحتلال في أعقاب العملية الاستشهادية عند مفترق مجيدو، في حزيران الماضي ، حيث قتل سبعة إسرائيليين وأصيب العشرات، في العملية التي نفذها شاب من مدينة جنين، وتبنتها "سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي.
ولم يكد يمر شهر واحد على تلك العملية حتى هاجمت قوات كبيرة من جيش الاحتلال منزل الشهيد صوالحة في كفر راعي وهدمته على ما فيه بدون أي سابق انذار، وطلبت ممن تبقى في القرية من أفراد عائلته بأن يسلم إياد نفسه.
وعندما وقعت العملية التفجيرية الأخيرة قرب منطقة وادي عارة في الداخل، حيث قتل 14 إسرائيلياً وأصيب العشرات في عملية نفذها شابان من مدينة جنين، سارعت إسرائيل إلى تحميل الشهيد صوالحة المسؤولية عنها، وشنت بعد مرور خمسة أيام على وقوعها، هجوماً واسع النطاق على مدينة جنين ومخيمها.
ووضعت قوات الاحتلال على رأس سلم أولوياتها في الهجوم الذي تطلق اسم "الحرس الأمامي" النيل من صوالحة ومنعه من استكمال جهوده في إعادة تأسيس البنية التحتية لـ"سرايا القدس" خصوصاً بعد استشهاد محمود طوالبة مسؤول "السرايا" في الضفة الغربية، خلال المعارك العنيفة التي شهدها مخيم جنين في نيسان الماضي.
وقبل يوم واحد من استشهاده اعتقلت قوات الاحتلال نجية صوالحة والدة الشهيدة إياد، وشقيقته أرسلين، وذلك بهدف استخدامهما كوسيلة ضغط على إياد من أجل تسليم نفسه.
تجدر الإشارة إلى أن ثلاثة من أشقاء الشهيد صوالحة من الفلسطينيين المغتربين في أمريكا وروسيا، ويعيش في بلدته كفر راعي شقيقه بهاء الذي كان في كل مرة هدفاً للاعتقال والتنكيل والضرب المبرح من قبل جنود الاحتلال.
ولا يزال أهالي كفر راعي يتذكرون ذلك اليوم الذي تزوج فيه الشهيد صوالحة الذي لم يره أي من أهالي بلدته في يوم عرسه وحتى بعده، وكل ما شاهدوه في ذلك اليوم أربعة شبان مجهولين من خارج البلدة حضروا إليها في ساعات العصر، وأخذوا معهم الفتاة اليوغوسلافية بملابسها، وهي تدرك أن تلك كانت مراسم زفافها على زوجها إياد.
وقال أحد أهالي البلدة " كان شرط إياد الوحيد للزواج من الفتاة اليوغوسلافية هو أن تعلن إسلامها وتنطق الشهادتين، فاستجابت تلك الفتاة للشرط رغم معرفتها الكاملة أن من اختارته زوجها مهدد بالاستشهاد في أية لحظة".