مؤسس حركة الجهاد الإسلامي في طولكرم
الشهيد الشيخ رياض بدير...طريق الشهادة تمر في مخيم جنين
فلسطين اليوم : جنين: خاص
ولد في قرية فرعون القريبة من مدينة طولكرم، قبل النكبة بعام، درس في مدارسها ثم أكمل دراسته العليا "دبلوم زراعة" في المدينة.... عاش الاحتلال وتفاصيله المرة يوما بعد يوم حتى تكّون لديه كما هائلا من الحقد و الكراهية.. ترجمها مقاومة وجهاد في سبيل الله و فلسطين...
رياض محمد علي بدير، ابن طولكرم وشهيد مخيم جنين...ككل أبطال حركة الجهاد الإسلامي كانت وراء اسمه الكثير من التفاصيل الضائعة التي حاولنا لملمتها.... على لسان الابن الأكبر " عبد الفتاح"...
عمل جهادي
الشهيد كان يعمل في سلك التدريس، انقطع عنها فترة سبع سنوات منذ عام 1988 وحتى عام 1995 بسبب فصله من عمله بقرار من الإدارة العسكرية الإسرائيلية، بسبب نشاطه " الدعوي و الجهادي" وبعد دخول السلطة عاد إلى وظيفته حتى عام 2001، يقول عبد الفتاح:" مع بدء الانتفاضة عادت اهتمامات أبي في العمل الجهادي من جديد تظهر..وبدء يتحدث عن الجهاد والاستشهاد في سبيل الله، و بعد عام تقدم بطلب تقاعد مبكر وتفرغ إلى عمله الذي يحب " العمل الجهادي العسكري".
العائلة تتكون من أربعة صبيان وثلاثة بنات، كن متزوجات، والصغير " القسام" عمره إحدى عشر عاما فكان يشعر انه أدى أمانته في عائلته ولم يبق عليه إلا " أمانته الكبرى" في تحرير فلسطين.ليؤديها...
عبد الفتاح تحدث عن النشأة الجهادي الأولى لوالده يقول :" كان العامل الديني عند والدي فطريا ومع ظهور حركة الأخوان المسلمون بدا متأثرا كثيرا بأفكارها التي لامست هذه الفطرة...ومع بدء تأسيس حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين بعث أبي برسالة للمعلم " فتحي الشقاقي" يدعوه لزيارتنا ليسمع منه عن الحركة و أفكارها وبالفعل لبى المعلم الدعوة وبعد ثلاث أيام في منزلنا اقتنع ابي بأفكار الشقاقي وانضم إليه وبدء بمهمته بتأسيس حركة الجهاد في طولكرم"...
اعتقالات...
وتابع:" و بالفعل بدء أبي بنشر أفكار الجهاد في المدينة، خلال الانتفاضة الأولى أعتقل في ام 1988 وكان من أوائل المعتقلين في سجن النقب والذي أسسوا المعتقل، وبعد ست سنوات حكما إداريا خرج ليعود إلى نشاطه من جديد في مجال نشر التوعية الجهادية بين صفوف المواطنين وخاصة بعد علمه في الكثير من الجمعيات الخيرية بعد فصله من التعليم كأجراء عقابي ".
أعادت قوات الاحتلال اعتقاله مرتين الأولى في عام 1990 وبعد التحقيق معه لمدة شهرين لم يعترف حينها حيث أفرج عنه، والثانية في العام الذي يليه حيث قضى في أقبية التحقيق 40 يوما لم تتمكن أجهزة الاحتلال الأمنية من إجباره خلالها على الاعتراف بشئ فأطلق سراحه من جديد.
بعد دخول السلطة الفلسطينية إلى المناطق عاد الاعتقال ليعود إلى حياة الأسرة من جديد بطريقة أخرى...فقد اعتقل لدى السلطة الفلسطينية مرتين المرة الأولى قضى منها ستة أشهر، والثانية بعد انتفاضة الأقصى حيث تم اعتقاله من قبل السلطة الفلسطينية تطبيقا لخطة "الجنرال جني" بعد أن سلم قائمة بأسماء عشرين مطلوبا من الضفة بينهم شهيدنا حيث قضى ثلاثة اشهر في سجن المقاطعة بعد تمكنه من الهرب بمساعدة أهالي المدينة بعد قصف مقر المقاطعة بصاروخ أثناء اجتياح المدينة الأولى، عاد بعدها طليقا إلى عمله...
الحلم و الأمنية...
الشهادة التي تغنى بها " أبو العبد" وحاول في كل دروسه إن يبث حلاوتها في نفوس الشباب كان أكثر المتلهفين لها...وكانت فرصته للسعي ورائها مع بدء التلميحات من قبل وسائل الإعلام الصهيونية بقرب اجتياح شامل على مدن الضفة وخاصة في جنين ونابلس، يقول عبد الفتاح:" بعد عملية فندق بارك الاستشهادية كانت اجتياحات في كل مدن الضفة الغربية، و لكن مخيم جنين الوحيد الذي عصي على قوات الاحتلال، فكان الوالد دائم الحديث انه إذا تم اقتحام لهذا المخيم فأنه سيتوجه إليه ليقاوم من رجاله".
و يتابع:" كنت أحاول دائما الضغط عليه لترك الفكرة، واهدده انه إذا تركت البيت سأتركه أنا أيضا ، إلا أن كل ذلك لم يمنعه من المضي في طريقه، فقد جهز نفسه بعد أن باع بيتا لنا وسيارته، و أشترى له ما يلزم من السلاح".
مع بدء الاجتياحات في الضفة وقبل اجتياح جنين كان اجتياح طولكرم...عبد الفتاح حاول الاتصال على والده ليعرف مكانه ويخبره ببدء اجتياح المدينة فرد عليه " أنا في جنين " ..
لم يكن حينها بدء اجتياح مخيم جنين وبعد يومين بدأت الحملة على المخيم، يقول عبد الفتاح " خلال تسعة أيام كنا على اتصال مباشر معه كل يوم نعرف الأخبار منه يخبرنا عن بطولات المقاومة هناك، بالرغم من إصابته برصاصتين في رجله ويده دون أن يخبرنا بذلك، لم اعرف بذلك إلا بعد اعتقالي حيث اخبرني احد الشباب الذين كانوا معه انه كان مصاب وان الشباب كانوا إثناء تنقلهم يحملونه بسبب عدم قدرته على المشي".
رفض الاستسلام...
في أخر أيام الاجتياح بقي مجموعة من المقاومين محاصرين في بيت كان الشيخ رياض معهم، هذا ما كانت العائلة تعرفه" بعد أيام سلم من بقي على قدي الحياة منهم أنفسهم بعد بدء قوات الاحتلال بقصف المنزل، عائلة بدير والتي لم يخطر ببالها شئ سوى انه اعتقل بدأت، بدأت رحلتها في البحث عنه في المعتقلات:" قمت بالاتصال بمؤسسة هموكيد الحقوقية لمعرفة في أي سجن هو، احد عشر يوما كنت أقوم بالاتصال يوميا والموظفة تؤكد لي انه غير معروف مكانه".يقول عبد الفتاح..
وبالفعل لم يكن الشيخ معتقلا فقد كان أثناء محاصرته وزملائه قد تمكن من الهرب زحفا بالرغم من إصابته إلى منزل مجاور، فبعد احد عشر يوما تلقى عبد الفتاح اتصالا من احد سكان المخيم يخبره فيها انه تم العثور على جثمان والده تحت ركام احد البيوت:" كانت بالنسبة لي صدمة كبرى أكنا نبحث عنه في المعتقلات ووجدنا جثته لفي نفس المكان "...
من قاموا بالاتصال علي عبد الفتاح اخبروه أنهم وجدوا سلاحه بيده ومسبحته ومصحفه الصغير في جيبه ولا شئ غير ذلك...