يعتبر الإحرام ركن من أركان الحج الأربعة (الإحرام ،الطواف ،السعي والوقوف بعرفة) ، ولو سقط ركن منها لبطل الحج ومع كل ركن من هذه الأركان الأربعة مواقف وعبر يستحب للحاج أن يعيش معها بجانب العلم والفقه في الواجبات والمستحبات والمحظورات ما أمكن ،حتى يعيش الحاج كما أراد الحبيب محمد –صلى الله عليه وسلم – الذي قال :"خذوا عني مناسككم" ،وليعلم الحاج بأن الحج يقبل أو يرد على صاحبه مع الخطوة الأولى التي يخطوها نحو بلاد الحجاز واستمع إلى الحبيب محمد –صلى الله عليه وسلم – وهو يقول:"إذا خرج الرجل حاجاً بنفقة طيبة ووضع رجله في الغرز فنادى: لبيك اللهم لبيك، ناداه منادٍ من السماء: لبيك وسعديك، زادك حلال وراحلتك ،وحجك مبرور غير مأزور ،وإذا خرج من نفقة خبيثة فوضع رجله في الغرز فنادى :لبيك ،ناداه منادٍ من السماء:لا لبيك ولا سعديك ،زادك حرام ونفقتك حرام وحجك مأزور غير مبرور.
ولذا يجب على الحاج قبل أن يلبس ملابس الإحرام أن يعلم بأن الله طيب ولا يقبل إلا ما كان طيباً، وأن الأعمال بالنيات،فمن همّ بعمل حسنة كتبت عند الله حسنة ، فإن عملها كتبت عند الله بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف،كما أخبر الحبيب محمد –صلى الله عليه وسلم – .
ويروى بأن عبد الله بن المبارك عندما أراد الحج ، خرج في قافلة إلى بلاد الحجاز ،وفي الطريق وجد امرأة تنظف بطة ميتة فقال لها: يا أمة الله أما تعلمين بأن الميتة حرام ؟! فقالت:يا هذا اعلم بأن بالبيت أطفال جياع لم يذوقوا الطعام منذ ثلاثة أيام ،فتركها وقد تأثر من كلماتها واشترى لها بعض الحاجات ثم رجع يدق باب بيتها ،وقال لها:البغلة وما عليها لكِ وللأولاد ، ورجع إلى الكوفة مشياً على الأقدام وتصادف رجوعه رجوع الحجيج، فقالوا له: حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً فقال لهم: لم أحج ولم أعتمر ،ولكن بعض الحجيج قالوا له: لقد رأيناك في الطواف والسعي وبعضهم قال: لقد تركنا عندك بعض الأمانات ،فقص عليهم قصته ورجع إلى بيته فجاءه منادٍ في المنام وقال له:لقد قبل الله صدقتك وأرسل عنك ملكاً ليحج عنك هذا العام .
هذا ما يجب على الحاج أن يعيشه وهو يلبس ملابس الإحرام وينوي السفر لأداء فريضة العمر فيسكن في وجدانه هموم المسلمين وأحوال المحتاجين والمساكين ،وأنه مقبل على سفر طويل قد يكون آخر لحظات حياته كما قال –صلى الله عليه وسلم – من خرج حاجاً فمات كتب له أجر الحاج إلى يوم القيامة ،ومن خرج معتمراً فمات كتب له أجر المعتمر إلى يوم القيامة ،ومن خرج غازياً فمات كتب له أجر الغازي إلى يوم القيامة.
ويجب على الحاج أن يعيش هذه اللحظات وكأنه يودع الدنيا بما فيها مقبلاً على الله عز وجل تاركاً حطام الدنيا الزائل ومغرياتها الفانية إلى العمل الصالح وليعلم بأنه سوف يرتدي هذه الملابس عاجلاً أم آجلاً ويوضع في روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر نار جهنم والعياذ بالله .
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.